بات تجديد الجواز السوري تحدياً كبيراً بالنسبة للمواطنين السوريين في مختلف البلدان، وتختلف صعوبات استخراجه وتجديده من بلد إلى آخر بحسب عوامل عديدة، لعل أهمها عدد اللاجئين في ذلك البلد، وقدرة الجهات المسؤولة على تنظيم أمور الأجانب.
وأصبح من الشائع جداً بين السوريين الحديث الدائم عن تجاربهم في استخراج الأوراق الرسمية، و”مغامراتهم” التي تنتهي في معظم الأحيان بالتعجب من كمية الأموال المدفوعة يومياً في قنصليات النظام، والاستغراب من فكرة أن جواز السفر السوري واحد من أكثر جوازات العالم تكلفة.
مشكلة جواز السفر السوري لدى كل من يحمله أنه ورقة ثبوتية يهرب المواطن منها وإليها، تُرعب البعض فكرة استخراجها بشكل مستمر والبقاء على تماس مع المنظومة الإدارية السورية.
تحديات ومبالغ طائلة
في تركيا على سبيل المثال يواجه السوري مصاعب عدة في استخراج أي ورقة من قنصلية بلاده لا سيما تجديد جواز السفر، فهذه العملية البسيطة تمر بمراحل معقدة تبدأ في البحث عن “سمسار ابن حلال” يقدم أفضل الأسعار من أجل تحديد يوم الدخول إلى القنصلية فقط، وتصل تكلفة الموعد في بعض الأحيان إلى 200 ليرة تركية أي ما يعادل 34 دولار.
أوضح عماد مصطفى خلال الحديث لـ “روزنة” عن تجربته كسوري مقيم في تركيا منذ 6 سنوات أن استخراج الجواز السوري بشكل مستمر أصبح أمراً مكلفاً ومرهقاً للغاية قائلاً: “لقد دفعت تماماً 1500 دولار لتجديد جواز السفر وتصديقه، جزء من المبلغ كرشاوى لحجز الموعد والدخول بسرعة من باب القنصلية، واختصار عدد الزيارات إليها”.
وأضاف مصطفى: “لكل شيء ثمنه، الثمن الذي لا شك بأنه يموّل الحرب، أي يشتري مزيداً من الرصاص للنظام القاتل. لكن لا خيار آخر لدينا سوى تجديده”.
وأشار إلى أن البقاء دون جواز السفر في البلدان التي لا تعطي وثائق سفر للسوريين، كتركيا ولبنان، هو الأمر الوحيد الذي يُجبره على التمسك بجواز السفر ونفقاته المالية الهائلة، قائلاً: “بمجرد حصولي على أي جنسية في أي بلد، سوف أنزع عني هذا الجواز إلى أن أستطيع استصداره من نظام ديموقراطي مختلف، لا يموّل الحروب بما أدفعه من مستحقات، ولا يذلني عندما أزور قنصلياته لاستخراج أي ورقة رسمية”.
معاملة سيئة
وقالت فادية الأحمدي (سورية مقيمة في إسطنبول) لـ “روزنة”: “الصعوبات لا تكمن فقط في دفع مبالغ مالية كبيرة لأمر يجب أن يكون بالمجان، بل في الانتظار لساعات طويلة أمام مبنى القنصلية الكائن في أحد أرقى المناطق بالمدينة، وتحمل المعاملة السيئة من قبل عناصر الأمن التركي التي تحاول تنظيم الأعداد الهائلة للسوريين المصطفّين على طول الشارع في نيشان تاشي”.
وأشارت الأحمدي إلى أن عام 2016 كان من أصعب الأعوام التي عاشتها وأولادها في إسطنبول حيث كان الذهاب لاستخراج أي ورقة من القنصلية أمراً شاقاً يتطلب الحضور إلى بابها منذ الساعة الـ4 فجراً و “حجز محل”، ومن ثم والانتظار حتى الساعة الـ10 صباحاً لتبدأ الرحلة التي تستغرق أكثر من 5 أو 6 ساعات.
معارضو النظام في لبنان
وفي تجربة مشابهة قال مصطفى محمد (سوري مقيم في لبنان) لـ “روزنة”: “تكلفة تجديد جواز السفر تصل إلى 400 دولار والأمر سهل نسبياً بالنسبة لمؤيدي النظام، حيث يقوم الشخص بالتقديم على موعد من موقع السفارة ويذهب في الموعد المحدد، أما بالنسبة للمعارضين فالتجديد يتم عن طريق أشخاص مقابل مبلغ مادي يُتفق عليه قبل القيام بالإجراءات”.
ويحدد موقع وزارة خارجية النظام السوري الرسم القنصلي عند منح أو تجديد جواز أو وثيقة سفر للمواطنين السوريين ومن في حكمهم المتواجدين خارج البلاد بشكل فوري ومستعجل بمبلغ 800 دولار أمريكي، أما ضمن نظام الدور فيحدد الرسم القنصلي مبلغ 300 دولار.
يذكر أن السوري يحصل على جواز سفره “المستعجل” خلال 3 أيام كحد أقصى، أما العادي فتتراوح مدة استخراجه بين 10 أيام و21 يوماً، وكشفت إحصاءات رسمية للنظام السوري أن إيرادات جوازات السفر الممنوحة للمواطنين خارج البلاد وصلت في عام 2018 إلى 41 مليون دولار.
المصدر: روزنة