قصد الطلاب السوريون المدارس التركية منذ عام 2016، بعد توجيه الحكومة التركية أمرًا بإغلاق مراكز التعليم الخاصة بالسوريين على مراحل، لتبدأ المشاكل التي يواجهها ذووهم في بلد اللجوء تزداد تعقيدًا.
ووصلت نسبة التحاق الطلاب السوريين في المدارس التركية للعام الحالي إلى 90%، وفق مساعد وزير التربية والتعليم التركي، رحى ينميش، أي ما يقارب 780 ألف طالب سوري، للعام الدراسي الحالي 2019 – 2020، بحسب ما أعلنه وزير التربية التركية، ضياء سلجوق.
ومع اضطرار الطلاب السوريين للاندماج في المدارس التركية، ودراسة المناهج التركية، واستخدام اللغة الجديدة، أصبح لدى الأهالي تحدٍ جديد، يتمثل في مجاراة أبنائهم، ودعمهم في سنوات التعليم الأولى.
وبحسب ما ذكر موقع عنب بلدي في لقاءاته التي أجراها مع مجموعة من أهالي طلاب سوريين يتعلمون في المدراس التركية، للتعرف إلى أبرز العوائق التي يواجهونها خلال متابعة أبنائهم دراسيًا، وطرق التغلب عليها.
اللغة التركية أولًا
“تتملكني مشاعر التوتر والإحراج، عندما يوجه لي ابني سؤالًا أعجز عن فهم معناه، وإجابته عنه”، تقول رويدة الصالح، وهي والدة طالب سوري في الصف الثالث، متحدثة عن صعوبات تواجهها وهي تساعد ابنها في مواده المدرسية.
وتشرح رويدة صعوبة تأقلم ابنها مع زملائه الأتراك في مدرسته بمدينة اسطنبول، بسبب عدم إتقانه للغة التركية بشكل تام، قائلة إن ذلك يسبب له ضغطًا نفسيًا يحول دون تفوقه في تحصيله العلمي، بعد أن كان قد بدأ دراسته في المدارس السورية.
أما مفيدة الحسن، والدة طالب في الصف الخامس، فترى أن تجاوز الطالب للصفوف الدراسية في المرحلة الابتدائية وانتقاله للمرحلة المتوسطة هو أصعب ما يمكن أن يمر به الطالب السوري.
وتضيف “إن تعلم اللغة منذ الصغر أمر تلقائي لكن مع ابني فإن الوضع مختلف بشكل كامل، فهو يعاني من مشاكل كبيرة تتعلق بصعوبة اندماجه مع أقرانه وصعوبة فهمه للدروس، وبالتالي تقصيره في الامتحانات”.
كما يعطل عائق اللغة التواصل بين الطلاب ومدرسيهم، وفق ما تحدثت عنه غادة العاني، وهي والدة طالبة في الصف الثاني الابتدائي، ضمن إحدى مدارس اسطنبول.
تقول غادة إن مدرس ابنتها يتحاشى توجيه أسئلة لها، لأنها ستأخذ وقتًا أكثر من غيرها لفهم السؤال ثم الإجابة، معتبرة أن “هذا يزيد من عزلة الطلاب وتأخرهم”.
ونتيجة ذلك، يميل قسم من الطلاب السوريين إلى المواد العلمية التي تقوم على عمليات حسابية، مقارنة بالمواد النظرية باللغة التركية، حسبما قالت الناشطة الاجتماعية التركية، كاتيا أكسوي، لعنب بلدي.
حلقة الوصل
ترى الناشطة التركية أن للمرشد النفسي التربوي السوري في المدرسة التركية دورًا فعالًا يجب الاستفادة من وجوده، وهو ما تؤكده المرشدة بيان الجاسم.
تعمل بيان، وهي مرشدة تربوية سورية في إحدى مدارس اسطنبول، على مساعدة الطلاب للتعبير عن أفكارهم إذا احتاج الأمر، وتشكل حلقة وصل بين المدرسين والأهالي.
وغالبًا ما تتشكل الصعوبات نتيجة عدم التواصل بين الأهالي والمدرسين لعدم إتقان أولياء الأمور اللغة التركية، وعدم فهم التعليمات التي يرسلها المدرسون، حسب تقدير بيان.
تقترح المرشدة أن يستعين الأهل بالأصدقاء ممن تعلموا اللغة وأتم أبناؤهم المرحلة الدراسية التي يمر بها أطفالهم، واصفة علم اللغة بالنسبة للطالب السوري بـ”مفتاح فهم المنهاج التركي”.
كما تشجع الأهالي غالبًا على استخدام الكتب المساعدة في المنهاج التركي، أو المنصات الإلكترونية كونها تقدم “محتوى تعليميًا أكاديميًا جادًا”، حسب قولها، مشيرة إلى وجود دور نشر تتخصص بنشر كتب داعمة للمنهاج التركي.
تجارب وحلول
اتخذت الحكومة التركية بعض الإجراءات، في محاولة لمساعدة الأهالي على دمج أبنائهم وتجاوز عائق اللغة، وذلك من خلال إخضاع الطلاب الأجانب لدورات صيفية تحضيرية.
ويعمل الأهالي على مساعدة أبنائهم في التأقلم مع البيئة التعليمية الجديدة، بأساليب متنوعة. تقول رويدة الصالح، وهي والدة طالب سوري في الصف الثالث، إنها استعانت ببرامج الهاتف المحمول لترجمة كلمات يسألها ابنها عن معناها، كما اشتركت في مجموعات على “فيس بوك”، للتواصل مع أهالي طلاب آخرين في ذات المرحلة المدرسية.
مفيدة الحسن، والدة طالب في الصف الخامس، لا تفكر بتعلم اللغة إطلاقًا، ولجأت للدروس الخصوصية لتساعد ابنها على التفوق وحل واجباته على أكمل وجه.
أما غادة العاني، وهي والدة طالبة في الصف الثاني الابتدائي، فقد اشتركت بإحدى المنصات الإلكترونية العربية التي تزودها بحلول لجميع الواجبات التي تكلف بها ابنتها، مع شرح للمنهاج التركي بإشراف مدرسين عرب يتقنون العربية والتركية.
بينما تدعو الناشطة الاجتماعية التركية، كاتيا أكسوي، إلى بناء علاقات اجتماعية جيدة بين أهالي الطلاب السوريين ونظرائهم الأتراك، ما يشكل دافعًا لتقرب الطلاب من بعضهم على اختلاف جنسياتهم، ويساعدهم على الاندماج والتأقلم.
اقرأ أيضاً: أردوغان يزف بشرى سارة للسوريين في تركيا بشأن الجنسية التركية
دعا الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، المواطنين السوريين الحاصلين على الجنسية التركية إلى الدخول إلى المؤسسات التركية والعمل بها.
جاء ذلك في كلمة للرئيس التركي، خلال ندوة عقدتها جامعة “Bilkent” أمس، الثلاثاء 11 من كانون الأول، بمناسبة اليوم العالمي لحقوق الإنسان.
تناولت الندوة مواضيع عديدة تخللها حديثه عن عملية منح الجنسية التركية للسوريين وفرص عمل السوريين المجنسين في تركيا، بحسب ما نقل موقع “Kamubulteni” الإخباري التركي.
وقال الرئيس التركي، “منحنا الحنسية التركية لـ 110 ألف مواطن سوري، ومنحنا 100 ألف مواطن سوري الإقامة، ونفكر حاليًا في زيادة عدد المجنسين”، بحسب ما ترجمت عنب بلدي.
وعن أسباب منح السوريين قال أردوغان، “لا أريد أن يعيش هؤلاء الناس بشكل غير قانوني في بلدي، فليأخذوا الجنسية وليدخلوا ويعملوا في المؤسسات بسهولة. بين هؤلاء السوريين أشخاص يملكون خبرات وبينهم أطباء ومهندسون وحقوقيون”.
وعن موقف المعارضة التركية قال الرئيس التركي، “زعيم حزب الشعب الجمهوري (كمال كيلشدار أوغلو) يريد إرسال السوريين إلى بلادهم، لكن حزب العدالة والتنمية يعارض سياسة إرسال الأشخاص إلى الموت”.
وكانت وزارة الداخلية التركية أوقفت، في 12 من تشرين الثاني، بعض طلبات السوريين العالقة في المرحلة الرابعة للجنسية الاستثنائية.
ووصل إلى العديد من المتقدمين القدامى رسالة مفادها أن “ملف الجنسية الذي تقدمت به للحصول على الجنسية التركية الاستثنائية قد تم إيقافه”.
وتقدم عدد من السوريين للحصول على الجنسية الاستثنائية، أو رُشحوا إليها، وينتظر عدد كبير منهم الحصول عليها في المرحلة الرابعة (تقسم معاملة الحصول على الجنسية إلى سبع مراحل).
وللمزيد حول هذا الخبر نترككم مع مداخلة للاعلامي علاء عثمان والمتخصص في الشأن التركي، ولا تنسوا الاشتراك في قناة تركيا بالعربي على يوتيوب لنوافيكم بكل جديد: