أنقرة وأثينا ومعركة عض الأصابع

6 أكتوبر 2022Last Update :
أنقرة وأثينا ومعركة عض الأصابع

أنقرة وأثينا ومعركة عض الأصابع

بقلم الصحفي أحمد الحسين

الصراع التركي اليوناني ليس وليد الخلاف على ترسيم الحدود البحرية الذي تأجج بعد اكتشاف الغاز في المياه الاقتصادية للدول في شرقي المتوسط فالصراع قديم، وله أسباب مركبة، ترتبت على الالتزامات السياسية والاجتماعية والجغرافية التي حدّدها مؤتمر باريس للسلام عام 1919، وتوقيع معاهدة فرساي بين الدول المنتصرة في الحرب العالمية الأولى، بعد انهيار العثمانية، وقيام تركيا الجديدة بحدودها الحالية.

لم تكتفِ الدول المنتصرة في الحرب العالمية الأولى بالسيطرة على معظم الأراضي التي كانت تتبع للدولة العثمانية في أوروبا والعالم العربي، بل وفرضت عليها شروطا سياسية وإدارية وجغرافية كذلك، فقد فرضت معاهدة سيفر 1920 إعطاء تراقيا الغربية والجزر التركية في بحر إيجة لليونان، والاعتراف بإخضاع سورية والعراق للانتدابين، الفرنسي والبريطاني، واستقلال شبه الجزيرة العربية وأرمينيا، ووضع مضيقي البوسفور والدردنيل تحت إدارة عصبة الأمم، كانت قد تشكلت للتو في مؤتمر باريس للسلام عام 1919، مع بقائهما منزوعي السلاح، وإعطاء جزر دوديكانيسيا لإيطاليا التي كانت احتلتها خلال الحرب العثمانية الإيطالية 1911-1912، تنازلت عنها لليونان بعد الحرب العالمية الثانية.

بعد ذلك بدأ ظهور أحزاب ذات توجهات إسلامية، عاد الحديث عن الاستقلالية والتحرّر من هيمنة الغرب على القرار السياسي والعسكري التركي، فالإسلام، بما ينطوي عليه من قيم وحقوق، يتعارض مع الرضوخ للتبعية والاستغلال والقهر.
اليوم تتزايد حدة التوترات بين تركيا واليونان، حيث أرسلت تركيا، قوات إضافية إلى حدودها مع اليونان، في تصعيد جديد للتوتر مع أثينا، بينما قامت الأخيرة باستنفار قواتها، وذلك بالتزامن مع تسليم واشنطن طائرات لأثينا.

لغة الكلام تعطلت وغرقت في بحر المتوسط وخيار انقرة العسكري مطروح

بالنهاية تركيا تصارع الجميع

ففي الوقت الذي تحاول فيه اليونان وحلفاؤهما حصار تركيا في سواحلها، تسعى تركيا إلى منع فرض أمر واقع جديد عليها، بالتخلص التدريجي مما تبقى من معاهدتي سيفر ولوزان.

تركيا اليوم دولة ارتكاز في النظام الدولي وخروجها من المنظومة يعني انهيار داخلي لكل المنظومة
ظهرت تركيا كقوة اقتصادية وعسكرية لها وزنها وثقلها السياسي في كافة المجالات

وظهور تركيا اليوم كقوة إقليمية في الشرق الأوسط بعد نجاحاتها في سورية وأذربيجان يحتم على واشنطن التعامل معها من منطلق المصالح المشتركة للبلدين بما يخدم شعوب المنطقة العربية فالتحالف الأمريكي التركي هو تحالف وجودي وليس اختياري بالنسبة لواشنطن في ظل سيطرة إيران على سوريا وتهديد الخليج وتواطؤ الغرب معها وعدم وجود ضمانات غربية بكبح السيطرة الإيرانية على المنطقة.

Leave a Comment

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


Comments Rules :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.