مستقبل حافظ بشار الأسد: هل يعتزم الغرب تسليمه الرئاسة؟
تركيا بالعربي – فريق التحرير
في نهاية الشهر الماضي، أعلن حافظ بشار الأسد، نجل الرئيس السوري بشار الأسد، حصوله على شهادة الماجستير بدرجة شرف من جامعة موسكو الحكومية لومونوسوف، حيث تصدر دفعته وفقًا للتقارير. هذا الخبر أثار سخرية وانتقادات عديدة وأعاد إثارة التساؤلات حول جودة التعليم في سوريا وروسيا.
يُلاحظ أن ثقة النظام التعليمي السوري والجامعات الروسية في تقييم الطلاب معدومة منذ فترة طويلة، وذلك بسبب مشاكل تتعلق بالمهنية والمصداقية العلمية لتلك الجامعات، وليس بسبب دعم موسكو لبشار الأسد.
على الرغم من ذلك، فإنه ليس هناك مانع لكون حافظ بشار الأسد متميزًا في مجال الرياضيات دون المبالغة التي يتم تضخيمها في الصفحات الموالية. ومع ذلك، فإن تسليط الضوء على تفوقه، إذا كان موجودًا حقًا، يبدو أنه جزء من حملة إعلامية مسيسة تهدف إلى ترويجه كخليفة محتمل لوالده وليس لدعم التميز العلمي بحد ذاته.
تاريخيًا، لدينا تجربة سابقة مريرة مع ترويج وريث للسلطة، حيث تم الترويج للابن الأكبر باسل كخليفة لحافظ الأسد قبل مقتله، ومن ثم تم الترويج لبشار بعد وفاة باسل. لذلك، يظهر أن هذا الترويج الحالي قد يكون جزءًا من استراتيجية لترويث حافظ الثاني كخليفة محتمل، وهذا أمر غير مرحب به للذين يرونه صغيرًا على وراثة والده.
من الواضح أن الأمور ليست سهلة بالنسبة لتوريث حافظ الثاني، حيث يواجه معارضة داخلية وخارجية لبقائه في السلطة. ومن غير المرجح أن يكون هناك بديل من عائلته ماهر، الذي يُعتبر أكثر عنفًا ووحشية وغير مقبول داخليًا وخارجيًا. لا توجد عوائق دستورية تحول دون تولي حافظ الثاني للسلطة في المستقبل، وقد تتوفر الظروف الملائمة لهذا السيناريو.
تدعم الفرضية أيضًا أن الغرب يتبع موقفًا متناقضًا تجاه بشار الأسد، حيث يرغب في بقائه في السلطة وفي نفس الوقت يطالب بمحاسبته على جرائمه. يضع الغرب، بما في ذلك الولايات المتحدة، شروطًا للتطبيع مع الأسد، والتي قد لا يمكن لبشار أو حلفائه الموافقة عليها إلا إذا كانت مقبولة من قبل روسيا وإيران. هذه الشروط تساهم في تجميد الوضع الحالي تحت مسمى مواصلة الضغط حتى يتفهم الأسد وحلفاؤه ضرورة التوصل إلى تسوية تشمل تقاسم السلطة مع بعض المعارضين.
مؤخرًا، شهدنا تطورات ملحوظة في التطبيع مع الأسد من قبل بعض الدول العربية، ولكن هذا التطبيع لم يكن له تأثير كبير سواء اقتصاديًا أو معنويًا على نظام الأسد الذي يعاني من تدهور مستمر. في الوقت نفسه، زاد التأكيد الأمريكي على معاقبة الأسد، حيث تم إقرار قوانين جديدة تتعلق بتجارة الكبتاغون وتحظر التطبيع مع الأسد وتفرض عقوبات على المتعاونين معه. ولا يزال قانون قيصر ساريًا لمدة ثماني سنوات إضافية، مما يشير إلى التشديد والتفصيل في هذه العقوبات.
من المتوقع أن توافق إدارة الرئيس بايدن على التطبيع العربي إلى حد ما، ولكن بشروط محددة يمكن التأكد من تحققها. إذ يُعتبر التطبيع واستمرار المقاييس الصارمة غير جديدين في السياسة الأمريكية، حيث بعد فترة قصيرة من اندلاع الثورة في سوريا، أعلنت الولايات المتحدة معارضتها للحل العسكري وتجاهلت الميليشيات الإيرانية التي تدخلت لدعم الأسد. يمكن استنتاج أن هذا الموقف يدعم بقاء الأسد في السلطة دون العودة إلى الأوضاع قبل عام 2011.
بجانب ذلك، تزداد التصريحات الأوروبية التي تشدد على ضرورة محاسبة المسؤولين عن الجرائم المرتكبة في سوريا. قد يكون من الصعب تقييم جدية المواقف الغربية فيما يتعلق بالمحاسبة وإقامة آلية فعالة لها، ولكن يمكن اعتبار جديتها في عدم تعويم بشار أو السماح له بالتعويم كمؤشر على عدم وجود حوافز لدى الغرب للتعاون معه والتسامح مع جرائمه.
يظهر بوضوح أن الاستمرارية السورية، التي لا تلبي تطلعات بشار وحلفائه، تمثل سيناريو مقبل يمكن أن يطول. وبالنظر إلى الوضع الراهن وعدم وجود مؤشرات لتسوية قريبة، خاصة في ظل تطورات الأحداث في أوكرانيا والتوترات بين روسيا والغرب، التي قد تستمر لعدة سنوات، فإن التسوية تبدو بعيدة المنال.
بعد سنوات، إذا كانت القوى الدولية مستعدة للتسوية، قد يتم الترويج لفكرة توريث حافظ الثاني كحلاً وسطًا للأزمة. على الرغم من أن هذا قد يبدو غير مألوف في الوقت الحالي، إلا أنه قد يكون أكثر واقعية من تسوية تشمل بقاء بشار في السلطة أو استبعاد عائلة الأسد تمامًا.
مبررات هذا السيناريو موجودة، حيث أن الوريث ليس متهمًا شخصيًا بارتكاب جرائم مثل والده، ويتم وضعه على قائمة العقوبات الأمريكية كإجراء احترازي لمنعه من التلاعب بالعقوبات المفروضة على والده. يوفر هذا السيناريو فرصة لتنازل بشار بلا صراع دموي، ويضمن استمرارية العائلة كضمان لأمن أتباعها وعدم تعرضهم للمسائلة. بالإضافة إلى ذلك، قد يشجع هذا السيناريو عددًا أكبر من المعارضين على المشاركة في عملية التسوية، حيث ستعفيهم من الحرج الذي يترتب على المصالحة مع الأب، بالإضافة إلى الحوافز الطائفية لمن يبحث عنها.
في ظل الحصار الدولي المفروض على بشار وأسرته، يمكن اعتبار دراسة ابنه في روسيا أمرًا طبيعيًا، وتشير طبيعة العلاقة بين الأسرتين إلى أن الابن يحظى برعاية من موسكو، وهذا ما يفسر التغطية الإعلامية الروسية المكثفة للحدث. وعلى الرغم من سعي روسيا لتعزيز بقاء بشار وتحقيق تطبيع دولي كامل معه، إلا أن هذا يظل جزءًا من الصراع مع الولايات المتحدة بدلاً من خيارٍ للتفاهم، مما يجعل الابن بمثابة ورقة طروحة مؤجلة.
يجب التأكيد مرة أخرى أن هذا السيناريو غير مطروح للتنفيذ في الوقت الحالي، وقد يكون الخيار الوحيد المتاح في المستقبل بمجرد حدوث تغيرات. وبغض النظر عن التدخل الخارجي في الشؤون السورية، فإن السوريين الذين عاشوا تحت حكم الأب ووصفوه بأنه جرثومة، سيكونون أكثر ترقبًا تجاه الابن الذي يمكن أن يراهم على أمل تحقيق تحسن.
Sorry Comments are closed