كل قطعة من هذه العملة تساوي 20 دولار.. تعرف على العملة المعدنية الذهبية التي ان وقعت بيدك تُدخلك السجن
قد لا تكون عبارة “النسر المزدوج” ذات معنى واضح بالنسبة للبعض، ولكن بالنسبة لمجموعة من عشاق جمع العملات المعدنية النادرة، تمثل هذه العبارة قصة رائعة. يُطلق لقب “النسر المزدوج” على عملة ذهبية بقيمة 20 دولارًا أمريكيًا تمت ضربها في عام 1933. وبين عامي 1907 و1933، قرر الرئيس الأمريكي الحاكم آنذاك (روزفلت) تحسين تصميم العملات المعدنية الأمريكية، وكلف النحات الشهير (ساينت غودينس) بتنفيذ هذه المهمة. وهكذا ظهر تصميم عملة النسر المزدوج الذهبية بتوقيع ساينت غودينس، وتمت تسميتها بهذا الاسم لأن عملة النسر الذهبية كانت تساوي 10 دولارات، في حين كانت عملة النسر المزدوج تساوي 20 دولارًا.
وفي عام 1933، وفي سياق الكساد الاقتصادي العظيم الذي ضرب الولايات المتحدة، ألغيت المعيار الذهبي الذي كان يتطلب أن تكون قيمة العملة مدعومة بالذهب. وكان الرئيس روزفلت قد أصدر الأمر التنفيذي رقم 6102 الذي يمنع تخزين وامتلاك العملات والشهادات الذهبية داخل الولايات المتحدة. واستجابة لهذا القرار، قامت مصلحة سك العملات الأمريكية بسك عدد من عملات النسر المزدوج الذهبية. وبما أن الحكومة كانت تحث المواطنين على تسليم الذهب، فقد تم إذابة معظم هذه العملات، باستثناء اثنتين تم تقديمهما لمجموعة العملات النادرة الوطنية الأمريكية للحفاظ عليهما كتراث وطني.
بينما كان من المفترض أن تتبقى اثنتان فقط من هذه العملات الذهبية النادرة، فإن هذا الأمر لم يكن صحيحا في الواقع، لأن ما تبقي من هذه العملات الذهبية الجميلة كان 22 عملة، مما يعني أن 20 منها قد سُرقت أو تم إخفاؤها، ولهذا فإن امتلاك هذه العملات هو أمر غير قانوني ويعاقب عليه القانون أيضًا، لأن جميعها كان من المفترض إذابته سنة 1933 عدا اثنتان في حيازة الحكومة لحفظهما للذاكرة الوطنية، وأي عملة نسر مزدوج ذهبية من سنة 1933 تعتبر في نظر القانون الأمريكي مسروقة من الخزينة الوطنية الأمريكية.
لأجل هذا السبب، عمدت الخدمة السرية الأمريكية في سنة 1944 إلى تأسيس فرقة مباحث خاصة للتحقيق في الإشاعات التي تقول بوجود عملات ذهبية من سنة 1933 في حيازة بعض الأشخاص، وفي نفس السنة، نجحت مجموعة التحقيق الآنفة في تعقب سبعة من هذه العملات النادرة، التي تبين لاحقًا أنها سرقت من طرف أمين صندوق مصلحة سك العملات الأمريكية والذي قام ببيعها لاحقًا عن طريق بائع المجوهرات (إسرائيل سويت)، وتم تقديم هذه العملات السبعة المسترجعة لتتم إذابتها هي الأخرى.
وبعد وقت قصير من هذه العملية الناجحة، نجحت فرقة التحقيق هذه كذلك في استرجاع وإذابة عملة ذهبية أخرى، ثم في سنة 1952 عثرت على عملة إضافية، ثم في سنة 2005، أي بعد ما ينوف عن نصف قرن من الزمن، تمكنت الحكومة الأمريكية من العثور على 10 عملات ذهبية إضافية تم سكها سنة 1933 في حيازة آل (سويت)، وبعد أخذ ورد في المحاكم الأمريكية، تم الإعلان عن تلك العملات ملكًا للحكومة الأمريكية، وهي الآن متواجدة في خزنة في (فورت نوكس).
من خلال جمع العملات التي تم العثور عليها على مر هذا المسار الزمني، نرى بأن الحكومة الأمريكية تمكنت من استرجاع 19 عملة ذهبية —عدا الإثنتان الموجودتان في المجموعة الوطنية للعملات—، مما يعني أنه لا تزال عملة نسر مزدوج ذهبي واحدة مفقودة.
قبل أن تعلم الحكومة الأمريكية بوجود أي عملات ذهبية مسروقة، كان الملك فاروق ملك مصر قد اشترى واحدة من بائع المجوهرات (إسرائيل سويت) سنة 1944، وعندما قام بشرائها، قدم طلبا بتصديرها إلى مصر لدى خزينة الولايات المتحدة الأمريكية.
الآن، ما كان من المفترض حدوثه هو أن ترد خزينة الولايات المتحدة الأمريكية على ذلك الطلب بأن حيازة تلك العملة الذهبية بالذات هو أمر غير قانوني في ذاته لأنها قد سرقت من حكومة الولايات المتحدة الأمريكية سنة 1933، ثم تصادر تلك العملة وتنتهي القصة، لكن المثير هو أن الأمور لم تجر بهذا الشكل، حيث قوبل طلب الملك فاروق بالإيجاب بسبب خطأ اقترفه أحد المسؤولين لم يتم ذكر اسمه، وكنتيجة على ذلك وجدت تلك العملة الذهبية النادرة سبيلها إلى مصر.
كانت الحكومة الأمريكية ترغب في استعادتها بالطبع، لكن في سنة 1944 كان العالم كله تقريبا منشغلا بالحرب العالمية الثانية، والتي وجدت مصر نفسها في خضمها هي الأخرى، لذا قررت الولايات المتحدة الأمريكية أن ذلك لم يكن الوقت الملائم لطلب استعادة عملة النسر المزدوج الذهبية.
في سنة 1952، تمت الإطاحة بالملك فاروق بعد انقلاب عسكري أقامه الضباط الأحرار، وكان من المفترض أن تسترجع الولايات المتحدة العملة الذهبية الوحيدة المتبقية خارج خزائنها، لكنها بطريقة ما اختفت من الوجود.
لم تعاود عملة النسر المزدوج الذهبية الظهور إلا سنة 1996، عندما تم خداع مالكها: تاجر عملات معدنية بريطاني يدعى (ستيفن فينتون)، لبيعها كجزء من عملية سرية نفذتها الخدمة السرية الأمريكية.
تم اعتقال (فينتون)، وبعد صراع طويل في المحاكم، اتفقت حكومة الولايات المتحدة معه على بيع العملة الذهبية في مزاد (سوثبي) العلني واقتسام الفائدة، فبيعت العملة مقابل مبلغ 7.59 مليون دولار لشارٍ لم يتم الإفصاح عن هويته، والذي صار المالك الوحيد لأغلى عملة 20 دولار أمريكية في التاريخ.
تركيا بالعربي – متابعات
Sorry Comments are closed