بعثة أثار أجنبية تدخل سوريا وتعثر على كنز أثري يشيب منه شعر الرأس

23 يناير 2024Last Update :
بعثة أثار أجنبية تدخل سوريا وتعثر على كنز أثري يشيب منه شعر الرأس

بعثة أثار أجنبية تدخل سوريا وتعثر على كنز أثري يشيب منه شعر الرأس

بالرغم من أن التحقيقات الأثرية الجارية في حوض الكوم، التي يُشرف عليها البعثة الأثرية السورية السويسرية، لم تكتمل بعد، يبدو أن هناك عدة نظريات شائعة قد تحتاج إلى تصحيح.

تتنوع هذه النظريات، ومن بينها الشك في مرور الإنسان البدائي عبر المنطقة أثناء رحلته من إفريقيا إلى آسيا.

هناك أيضًا اقتراح بأن الجمال قدمت في الأصل من الأمريكتين إلى المنطقة، بالإضافة إلى تأكيد على بداية استخدام التقنية في صناعة الأدوات الصوانية، خاصةً في الحقبة الهُملية.

تبرز نتائج البعثة الأثرية السورية السويسرية في حوض الكوم، وبالتحديد في بئر الهمل، منذ بداية أعمالها قبل عشرين عامًا، اكتشافًا أثريًا لموقع مفتوح يُعد الأهم على مر العصور قبل التاريخ.

يُلاحظ أن هذا الموقع يحتفظ بسجل تاريخي غني يمتد من الوقت الحاضر إلى ما يقارب مليون وخمسمائة ألف سنة قبل الميلاد.

ويتميز الموقع بوجود أدوات صوانية عالية الجودة، تُعرف بتقنية “الحقبة الهملية”، وهي مصطلح علمي يعبر عن الفترة الممتدة من 80 إلى 200 ألف سنة قبل الميلاد.

كما كشفت هذه البعثة عن بقايا جمال يعود تاريخها إلى أكثر من 400 ألف سنة قبل الميلاد، بعضها يتعلق بأصناف لم يتم دراستها أو التعرف على خصائصها سابقًا.

والاكتشاف الفريد من نوعه تمثل أيضا في العثور على بعض من بقايا جمل عملاق لأول مرة في تاريخ الإنسانية.

هذه المعطيات، فضلا عن اكتشاف البعثة الأثرية الفرنسية لأول مرة في منطقة الشرق الأوسط لقطع من جمجمة الإنسان البدائي “هومو إريكتوس”،

ستعمل لا محالة على تغيير قراءة تاريخ المنطقة عاجلا أم آجلا.

وهناك بداية تكيف في المنطقة لإدماج هذه الاكتشافات في كيفية قراءة التاريخ.

“الإنسان البدائي مرّ من هنا”
يقول رئيس البعثة السويسرية في الكوم ومدير معهد عصور ما قبل التاريخ وعلوم الآثار في جامعة بازل البروفسور جون ماري لوتانسسورر،

عن النظرية التي ظلت سائدة حتى اليوم عن تنقل الإنسان البدائي من إفريقيا للمنطقة ثم إلى آسيا:

“يـــُقال إنه استخدم في هذا التنقل الى آسيا ثم أوروبا الممر الأردني الممتد من النبطية،

ثم البحر الميت في اتجاه الشمال مرورا بالبقاع. وكان المؤرخون يعتقدون بأن هذا الإنسان البدائي لم يكن بإمكانه المرور من هذه المناطق لأنها قاحلة”.

وحسب البروفيسور لوتانسورر، “يثبت” اكتشاف أثري للبعثة الفرنسية لبقايا جمجمة الإنسان البدائي في عام 2003،

والذي يعود إلى ما بين 500 و600 ألف سنة قبل الميلاد، “بأن الإنسان البدائي مر من هذه المناطق”.

أما مديرة المتحف الوطني في دمشق الدكتورة هبة السخل فتعتبر أن “منطقة الكوم،

أثبتت أن الإنسان القديم لم يعش فقط في المناطق الساحلية،

بل وصل إلى الداخل، أي إلى البادية السورية وعاش في بيئة شبه صحراوية،

وعاش لفترات طويلة وبشكل متواصل بحيث كان يتردد على المنطقة التي كانت عبارة عن واحات ومنطقة ينابيع”.

وإذا كانت هذه هي المرة الأولى التي يتم فيها إثبات ذلك فلأن “أغلب التنقيبات التي تمت في السبعينات كانت في فلسطين وفي لبنان،

وقلة ذلك في سوريا واقتصارها على المناطق الساحلية السورية وبالتحديد في وادي العاصي ومنطقة الفرات”، كما توضح الدكتورة هبة السخل.

الجمال أصيلة المنطقة .. ومنذ القدم
المعلومة التي كانت سائدة قبل خمسة عشر سنة عن تواجد الجمال بالمنطقة هو أنها وافدة على المنطقة منذ حوالي عشرة ألاف سنة من الأمريكيتين، مرورا بالصين.

ولكن البروفسور جون ماري لوتانسورر يقول “إن موقع الهمل سمح لنا باكتشاف عظام جمال في كل الحقب وتعود إلى حوالي مليون سنة”.

وما يزيد في تعميق الفضول لاستمرار البحث بالمنطقة، هو أن غالبية الأصناف التي تم العثور عليها غير معروفة في الأوساط العلمية،

بل إن بقايا الجمل العملاق التي اكتشفت في موقع الهمل في عام 2006 تعتبر النموذج الوحيد الذي تم اكتشافه لحد اليوم في العالم.

وبما أنه النموذج الوحيد الذي تم العثور عليه، يقول البروفسور جون ماري لوتانسورر،

“معنى ذلك أننا بصدد التنقيب في حقب بسوريا لم ينقب فيها أحد من قبل، وإلا لتم العثور على بقايا هذا الجمل العملاق في أماكن أخرى”.

والخلاصة التي يصل إليها رئيس البعثة الأثرية السويسرية هو أن “سوريا والمنطقة المحيطة إلى العراق كانت بدون شك منطقة تطور ونمو لفصيلة الجمال بكل أنواعها”.

ومن جهته، يقول مدير متحف تدمر المهندس وليد أسعد “إن اكتشاف الجمل العملاق في هذا الموقع شيء مهم جدا،

لأن أي اكتشاف يصل إليه البحاثة ممن يحالفهم الحظ يعمل لا محالة إما على تأكيد مفاهيم سائدة أو إبطالها وتصحيحها”.

استثمار هذه المعطيات لقراءة جديدة لتاريخ المنطقة
على الرغم من حداثة هذه الاكتشافات وضرورة إجراء المزيد من الأبحاث والتدقيقات، فهناك محاولات لإدراج هذه المعطيات الجديدة في البرامج التعليمية،

إضافة إلى ما تقوم به مختلف المؤسسات من ترويج إعلامي وتثقيفي لهذه الأعمال.

وتقول مديرة متحف دمشق الدكتورة هبة السخل “إن الاستفادة الأولى تتم عبر إيفاد طلبة سوريين للتدريب في تلك المواقع”.

ولتعميم الاستفادة من هذه الاكتشافات، أقدم المدير الأسبق المشرف على بعثات التنقيب الأجنبية، الدكتور سلطان محيسن،

على نشر كتاب جامعي تقول الدكتورة هبة “إنه إشتمل على كل هذه المعلومات الجديدة وتُدرّس حاليا بجامعة دمشق”.

كما يتم تكريس أقسام خاصة بحقب العصور القديمة في مختلف متاحف سوريا وتعزيزها بعينات من هذه اللقى الأثرية،

والتي تم العثور عليها سواء في بئر الهمل أو في مناطق أخرى من سوريا.

وبالفعل هناك أقسام هامة لعصور ما قبل التاريخ في متاحف كل من دمشق وتدمر وحماه ودير الزور.

وتقول مديرة متحف دمشق “نحن نعزز ذلك بعروض من حين لآخر مثل تلك التي قامت بها البعثة الأثرية السورية السويسرية في شهر يونيو للتعريف بالقيمة العلمية لهذا الـ “اكتشاف أثري”.

كما أن هناك معرضا موجها لكل الفئات من الخبير إلى الطفل الصغير، سيقام في شهر سبتمبر 2010،

حول تقنية الصوان لشرح أهم الاكتشافات التي تمت في سوريا والتقنيات المستعملة في ذلك،

وكيف تطور تفكير الإنسان القديم واستخدم لتحسين تصنيع الأدوات الصوانية وتكييفها مع متطلباته المعيشية”.

تركيا بالعربي – متابعات

Leave a Comment

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


Comments Rules :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.