تركيا بالعربي
هل تنتـ.قم تركيا من بايدن بإغلاق قاعدة “إنجرليك”؟ صحيفة تكشف !!
نشرت صحيفة “غازيتا” الروسية تقريرا، تحدثت فيه عن تداعيات اعتراف الرئيس الأمريكي جو بايدن ببما قال أنها إبـ.ـادة الأرمن على العلاقات التركية الأمريكية.
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته “عربي21″، إن “بيان الرئيس الأمريكي يلحق ضـ.ـررا بالعلاقات الثنائية التي يطغى عليها التوتر منذ سنوات”.
ونقلت الصحيفة عن كبير الباحثين في معهد الولايات المتحدة الأمريكية وكندا، التابع لأكاديمية العلوم الروسية، فلاديمير فاسيليف، أن الولايات المتحدة أدركت أن تفاقم التوتر في العلاقات مع تركيا أمر لا مفر منه؛ بسبب السياسة المنتهجة من طرف الرئيس التركي. وقد يكون الاعتراف بالإبـ.ـادة الجماعية بمثابة خطوة أولى نحو صراع حتمي، يليه تطبيق عقوبات مختلفة.
خطوات انتقامية
وبحسب الباحث الرائد في معهد بريماكوف للاقتصاد العالمي والعلاقات الدولية التابع لأكاديمية العلوم الروسية، فيكتور نادين رايفسكي، فإن تركيا لن تتراخى عن اتخاذ خطوات انتقامية في المستقبل، وقد انطلق السياسيون الأتراك في النظر في سيناريوهات ردود الفعل المحتملة.
من جانبه، قال زعيم حزب الوطن التركي دوغو برينجيك: “يتعين على القوات المسلحة التركية فرض سيطرتها الكاملة على قاعدة إنجرليك الجوية على الفور، ومغادرة القوات الأمريكية الموجودة هناك الوطن في غضون 15 يوما”.
وأشارت الصحيفة إلى أنه في حال قررت أنقرة حقا اتخاذ مثل هذا الإجراء، سيكون الوضع حساسا جدا بالنسبة للولايات المتحدة، لا سيما أن قاعدة إنجرليك الجوية التي تقع على بعد ثمانية كيلومترات من مدينة أضنة جنوب شرق تركيا، هي القاعدة الشرقية لقيادة القوات الجوية الأمريكية وحلف شمال الأطلسي في أوروبا.
وتعد إنجرليك أشبه بمركز عمليات تستخدمها الولايات المتحدة للتأثير على الوضع العسكري السياسي في الشرق الأوسط.
وأكدت الصحيفة أن خسارة قاعدة إنجرليك يهدد القوات الجوية الأمريكية بفقدان العديد من الفرص لتدمير أهداف العدو المحتملة، وحماية قواتها وأهدافها من الهجمات الجوية، وتزويد طائراتها بالوقود في الجو، وإجراء مهمات الاستطلاع الجوي، والتحكم في الطائرات الجوية في أثناء الأعمال القتالية.
وفي حال نشوب نزاع مسلح مع إيران، فإن خسارة القوات المسلحة الأمريكية لهذه القاعدة الجوية سيكلفها الكثير.
وتعالت الأصوات المنادية بإغلاق قاعدة إنجرليك في تركيا منذ سنة 2016، بعد محاولة الانقلاب الفاشلة. وقد صرح دوغو برينجيك بأن تهديد تغيير السلطة لا يزال يخيم على تركيا، مشيرا إلى أن بايدن يؤكد بتصرفاته نيته الإطاحة بنظام رجب طيب أردوغان.
وأوردت الصحيفة أن ردة فعل أردوغان كانت أكثر تحفظا مقارنة ببقية المسؤولين الأتراك، واقتصرت على توجيه رسالة إلى بطريرك القسطنطينية الأرمني ساهاك مشاليان، فيها إشارة إلى ضرورة عدم نسيان ثقافة التعايش السلمي بين الأتراك والأرمن، التي نشأت على مدى مئات السنين، ولطالما اعتبرت مثالا يحتذى به للبشرية جمعاء.
وتابع أردوغان: “أحترم ذكرى الأرمن الذين لقوا حتفهم خلال الفترة الصعبة للحرب العالمية الأولى، أقدم التعازي لأحفادهم”. وقد دعا من بين أمور أخرى إلى تطوير العلاقات بين أنقرة ويريفان.
وذكرت الصحيفة أن الإبـ.ـادة الجماعية التي ارتكبتها القوات الأرمينية قبل ثلاثين عاما في خوجالي لم تحصل بعد على تقييم عادل. وبناء على ذلك، تعتبر باكو موقف الزعيم الأمريكي مظهرا من مظاهر “التحيز والكيل بمكيالين”.
خطوات استباقية
من جهته، قال الكاتب والصحفي التركي حمزة تكين، لـ”عربي21″: “رغم أن القرار معنوي لا قيمة له قانونيا، خاصة على الصعيد الدولي، إلا أن تركيا ردت بالفعل وعمليا وفورا، من خلال إطلاق عمليتين عسكريتين جديدتين شمالي العراق، ضد تنظيم مدعوم من واشنطن، وهو تنظيم PKK الإرهـ.ـابي”، ويقصد به حزب العمال الكردستاني، الإرهـ.ـابي.
وأوضح أنه “لا يمكن فصل توقيت إطـ.ـلاق العمـ.ـليتين عن قرار بايدن، وهذا الأمر يشير إلى أن تركيا ستزيد في المرحلة المقبلة من ضغطها على الجهات التي تدعمها واشنطن في المنطقة، خاصة الإرهـ.ـابية منها”.
وأضاف إلى ذلك، أنه يتوقع ردود فعل دبلوماسية، كما فعلت تركيا بالفعل من استدعاء السفير الأمريكي في أنقرة.
وقال إنه في البداية ولتحليل طبيعة رد الفعل التركي، يجب الإشارة إلى أنه “من الناحية القانونية لا قيمة لقرار بايدن في هذا الخصوص، فهو توجه معنوي ليس إلا، ومحاولة لإزعاج تركيا واستفزازها، لكن هذا لا يعني تجاهل أن القرار بمثابة اعتداء سافر على التاريخ الإسلامي العثماني، لأنه يزور الحقائق التاريخية، باستخدام السلطة السياسية بعيدا عن الدراسات التاريخية”.
الرد بالمثل؟
وسبق أن أعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، في عام 2019، أن بلاده قد تتخذ قرارا بشأن الإبـ.ـادة الجماعية للهنود الحمر في أثناء “الاستعمار الأمريكي”، ردا على اعتراف أمريكي بـ”إبـ.ـادة الأ.رمـ.ـن”.
وقال: “هل من الممكن عدم الحديث عن الهنود الحمر في الولايات المتحدة؟.. التاريخ المتعلق بالهنود الحمر وصمة عار في جبين الولايات المتحدة”.
ورأى تكين أن “هذا الأمر موجود على الطاولة في تركيا، وهو أمر ليس مستبعدا”.
وأضاف: “لكن نقطة مهمة هنا يجب أن نوضحها، أن التوجه التركي هذا سيكون مبنيا على حقائق تاريخية ودراسات أعدها متخصصون بالتاريخ، ولن يكون مبنيا على مناكفات سياسية، فتركيا لن تقع بالفخ نفسه الذي وقع فيه بايدن ودول أخرى، وهو فخ تفريغ الخلافات السياسية بقرارات تتعلق بأمور تاريخية”.
لا خطوات سريعة
من جهته، رأى المحلل السياسي التركي، إسماعيل ياشا، في حديثه لـ”عربي21″، أنه لا يتوقع تصـ.ـعيدا وخطوات سريعة من تركيا بعد قرار بايدن.
وأشار إلى أن “هناك دولا كثيرة اعترفت بهذا الأمر قبل أمريكا، ولم يؤثر ذلك على تركيا”، مشددا على أنه “طالما أن تركيا دولة قوية، فإنه لا يمكن التأثير عليها بمثل هكذا قرارات رمزية”.
رد بالتدريج
بدوره، اعتبر الأكاديمي التركي أستاذ العلاقات الدولية، برهان كور أوغلو، في حديثه لـ”عربي21″، أن
“الرد على هذا القرار أظن أنه سيأتي بالتدريج”.
وأوضح: “أولا استنكار القرار، وهذا تم منذ يومين، على صعيد الحكومة التركية والجهات المعنية، ستتخذ بعض القرارات التي ستؤثر على مستقبل العلاقات بين البلدين، بما فيها مراجعة وجود القاعدة العسكرية “إنجرليك”، ومراجعة الاتفاقيات بين تركيا وأمريكا بشكل عام”.
ومنذ إعلان بايدن، تصدرت مطالب الأتراك عبر موقع “تويتر” بإغلاق قاعدة “إنجرليك” الأمريكية، قائمة الترند في تركيا.
وأضاف أن من خيارات الرد كذلك: “زيادة التنسيق والتعاون مع الدول التي لها مصالح مع تركيا، في حين أن أمريكا تتخذ معها عداوة”.
وأكد كور أوغلو أن كل هذا على الطاولة، ومن ناحية أخرى لا بد من أن تركيا ستقوم بتعريف هذا الموضوع “إبـ.ـادة الأ.رمـ.ـن”، لدى الغرب وأمريكا، خاصة لبيان الموقف التركي، الذي يقول إنه لم يكن هناك إبـ.ـادة جماعة، بل اقتتال بين الطرفين: الأ.رمـ.ـن والمواطنين العثمانيين.
لذلك أعتقد أن هذا مهم، التحدث عن الحقائق التاريخية.
ولفت إلى أن “تركيا تطالب منذ بداية هذه المحاولة الأمريكي، أن تقام لجنة تتشكل من المؤرخين لمناقشة هذه الأمور، وتركيا بدورها قامت بنشر كثير من الوثائق والكتب التي تتحدث عن الموضوع وبشكل واضح، لتدلل أنه لم يكن هناك إبـ.ـادة، بل تهجير شهد حـ.ـوادث قـ.ـتل بين الجانبين”.
يذكر أن تركيا تؤكد عدم إمكانية إطلاق “الإبـ.ـادة الجماعية” على تلك الأحداث، بل تصفها بـ”المأساة” لكلا الطرفين، وتدعو إلى تناول الملف بعيدا عن الصراع السياسي، وحل القضية دون النظرة الأحادية إلى التاريخ، وتفهّم كل طرف ما عاشه الآخر.