أفضل دول اللجوء للسوريين .. ماذا اختار ؟!
بقلم الناشط والحقوقي أحمد طالب الأشقر
ضمن سلسلة نشر التثقيف والتوعية حول ظروف الهجرة و اللجوء والخيارات الممكنة والمتاحة للاجئين السوريين والتي بدأت بها منذ فترة ، نتحدث اليوم عن أفضل دول اللجوء من حيث الاستضافة وميزاتها. وهنا لن نتحدث عن صعوبات الطريق أو كيفية الوصول ، حيث أن هناك الآلاف يصلون بطرق شتى! ، بل سنبين للقارئ العزيز الذي تجاوز هذه المرحلة (وهو في خِيرة وحَيرة من أمره)، ما هو أفضل خيار له ؟!، وهنا على وجه التحديد سأتطرق بالحديث عن ألمانيا، هولندا، وأمريكا وكندا.
سيتبادر إلى ذهن أحدكم إذا كانت أوروبا وهي قريبة جغرافياً وشبه مستحيلة فيكيف بأمريكا وكندا، لذلك سأتحدث عن هذه الجزئية في نهاية المقال.
لنبدأ بالدولة المقصد الأول للسوريين في تقديم اللجوء :
== ألمانيا ==
تعتبر ألمانيا أفضل وجهة لللاجئين عموماً، حيث تعد في المرتبة الأولى في دول الاتحاد الأوربي من حيث عدد السوريين فيها ومحلياً أيضاً، وهذا اكسبها خبرة كبيرة ومميزة عن جيرانها، في إدارة ملفات اللجوء، بشكل أمثل، من سرعة التحقق والبت في طلبات اللجوء.
ومن المميزات الأخرى التي تتميز فيها ألمانيا، قوة الاقتصاد، وحجم سوق العمل، الأمر الذي يجعلها بحاجة إلى أيدٍ عاملة ماهرة ومدربة بشكل مستمر وبكثرة ، حيث وبحسب تقارير اقتصادية نشرت مؤخراً، تحتاج ألمانيا إلى “400 ألف” يد عاملة مهاجرة سنوياً لمدة عشرة أعوام على الأقل .
لا ننسى أنه خلال الفترة الذهبية لللجوء إلى أوروبا في عام 2015 ، كانت المستشارة انجيلا مركل على رأس الحكم الأمر الذي سهّل الكثير من العقبات تجاه اللاجئين والمهاجرين ، ومع هذا تستمر إجراءات تسهيل أوضاع اللاجئين القانونية حتى بعد نهاية حكم حزب ميركل( الإتحاد الديمقراطي المسيحي )، واستلام حزب المستشارأولاف شولتز( الاشتراكي الديمقراطي )، حيث وعد بتسريع قبول ملفات لم الشمل وتقصير مدة الحصول على الجنسية الألمانية، وزيادة الإعانات الاجتماعية للعاطلين عن العمل من المواطنين واللاجئين والمهاجرين على حدٍ سواء.
== هولندا ==
تعد هولندا دولة تتطلع لها أمنيات اللاجئين السوريين بعد ألمانيا ، حيث تعتبر مقصد السوريين الثاني والأفضل من بين خيارات أخرى ، لمن كان له الخيرة في ذلك ، فهي الأفضل لمن يبحث عن تقديم طلبات لم شمل لعائلته لأنها الأسرع في هذا الصدد، ومن حيث نوعية المساعدات والخدمات الاجتماعية المقدمة من جهة، والمساعدة النقدية من جهة أخرى، حيث تتفوق على ألمانيا بقيمة مبلغ الإعانة النقدي الشهري .
وهناك ظروف أخرى جعلت من هولندا مميزة في هذا الشأن، وهي “صغر حجمها” الجغرافي ، حيث يوجد في هولندا تنوع كبير في دولة ذات كثافة سكانية عالية هي من الأكبر في العالم، الأمر الذي جعل منها مزيج ثقافي فريد متسق مع نفسه، يتّسم باللطف والطيبة والمعاملة الودودة، إضافة إلى لغة سكانها الثانية وهي الانجليزية والتي يستطيع العديد من السوريين التحدث فيها مما يساهم في سرعة اندماجهم.
لكن لا يخلو الأمر من منغّصات وعلى عكس “ألمانيا الكبيرة” ، فإن هولندا تعاني من أزمة خانقة في الإسكان، لصغر المساحات المخصصة للسكن. الأمر الذي انعكس سلباً على سرعة قبول ملفات اللجوء في الأونة الأخيرة . ولكن هذا لم يدع الحكومة الهولندية أن تقف مكتوفة الأيدي وبلاحراك، فبدأت تبتكر الحلول والتي قد يثير بعضها التبسم لوهلة لكونها لطيفة إلى حد ما ، أحدها هي انشاء إقامة مؤقتة للاجئين على ظهر “سفن فندقية”، لحين البت في طلبات لجوئهم.
وهذا لم يعجب بعض المنظمات الحقوقية المحلية، فوجِهت انتقادات لاذعة للحكومة من جهة، وأثارت سرور اللاجئين وموافقتهم من جهة أخرى ،فهي فرصة لتجربة فريدة في حالة اللجوء العالمية! .
== السويد ==
كلن أتحدث عن مميزات السويد هنا وإنما سأفرد لها مقال مخصص، أتحدث فيه عن عائق كبير يواجه اللاجئين وعائلاتهم، بسبب ظاهرة خطيرة والتي يتصدر مشهدها السوسيال .
== أمريكا ==
هذه الدولة والتي تقع بعيداً هناك في الطرف الأخر من العالم ، تعد من الدول المتميزة في استقبال اللاجئين بشكل عام، وخاصة بعد استلام الرئيس الأمريكي الحالي “جو بايدن” والذي قام بإلغاء الكثير من القوانين التي فرضها سلفه ” ترامب ” وضيقت باب الهجرة و اللجوء كثيراً.
حيث، وعلى عهد “بايدن”، أصبح يحق للاجئين تقديم طلبات لجوء وهم في البلاد(أمريكا)، وأقرّ رفع حصّة الولايات المتحدة الأمريكية من طلبات اللجوء والهجرة إلى” 125 ألف ” بعد أن كانت على زمن ” ترامب” ” 15 ألف ” فقط!
وقام برفع حظر السفر الذي فرضه “ترامب” على دول مسلمة ومن بينها سوريا. بالإضافة إلى إلغاءه قانون يحظر لم شمل الأطفال بعائلاتهم، والذين قطعوا الحدود بدونهم أو الذين سُمح لهم بالقدوم بمفردهم دون ذويهم.
بالنسبة للخدمات الصحية والاجتماعية، تعتبر في أمريكا جيدة، لكنها متواضعة، مقارنة بدول أوروبا، إلى أنّ أمريكا تعتبر حلم الملايين في العالم بسبب القوة الاقتصادية الهائلة، وحجم الحاجة للعمالة سنوياً مهول ولايقارن بدول الإتحاد الأوربي مجتمعة، فمن حصل على فرصة مناسبة له، لن يحتاج إلى الدعم الاجتماعي الحكومي، وسيكون اعتماده على نفسه كفيل بأن يجعله في أحسن حال .
== كندا ==
مميزات اللجوء عديدة وكثيرة، وربما سنذكر أهمها لعلها تكون حاضرة في اذهانكم فيما لو اتيحت فرصة اللجوء إليها، من هذه الميزات نذكر:
نوعية المساعدات الاجتماعية المقدمة جيدة جداً، وبدون مقارنة مع غيرها، وهي تكفي أسرة كاملة حتى الكبيرة منها حيث يزداد الدعم طرداً مع حجم الأسرة. وفي حال تم قبول طلب اللجوء يتم منح اللاجئ واسرته منزلاً مجهّز بالكامل للعيش فيه، ويستطيع أن يغيّر منزله إذا لم يناسبه أو يعجبه على عكس هولندا مثلا والتي يعتبر إيجاد منزل فيها مسألة شاقة.
ومما يميز كندا أيضاً، أنّ قوانين اللجوء فيها ليست معقدة، مثل بعض الدول كـ بريطانيا مثالاً، وعلى الرغم من أن حاكم كندا وبريطانيا هي الملكة إليزابيث الثانية ، فهذه مفارقة تستحق النظر فيها ! .
أضف إلى أن كندا قِبلة علمية، وفيها أقوى وأشهر الجامعات على مستوى العالم وهذا كفيل لجعل معظم ” الشباب الطموح” يتمنون اللجوء أو الهجرة إليها.
يُذكر أنّ كندا تضم مزيج متنوع من المهاجرين من شتى دول العالم، ويتكلم سكانها لغتين بشكل رسمي الفرنسية والانجليزية، ناهيك عن كونها بلد كبير جداً متنوع مناخياً بين البارد والحار والمعتدل .
ختاماً .. كنت قد نوهت في بداية المقالة لجزئية كيف لي أن أقارن بين دول قارة أوروبا ودول قارة أمريكا الشمالية (كند والولايات المتحدة )، وذلك لأن اللاجئين كما هو معلوم قسمين ، الأول هو من يسعى بنفسه بكل جهد وطاقة ويدفع تكاليف عالية لتقديم لجوءه في دولة يختارها مسبقاً، أو بحسب مايصيبه قدره وغالباً ماتكون دول الإتحاد الأوربي.
والقسم الأخر، هم اللاجئون الذين لديهم ظروف انسانية أو صحية أو اجتماعية خاصة، قبلت الأمم المتحدة بالتنسيق مع الدول المستضيفة المساهمة، بإعادة توطينهم، وعليه كل من تم اختيار دولة له مثل كندا وأمريكا فعليه أن لا يتردد فهي خيارات صائبة إن شاء الله .
ملاحظة : ينصح العديد من الخبراء المهتمين في قضايا اللجوء والهجرة إلى أمريكا وكندا، بعدم الاعتماد على محامين متخصصين بهذا الشأن، بسبب التكلفة العالية والمرتفعة. لذلك ينصح باغتنام الفرصة لمن اتته عن طريق برنامج إعادة التوطين أوعن طريق التقديم على الهجرة عبر الطرق الرسمية التي تنشر في المعرفات الرسمية كل سنة.
#للقصة_بقية
حرر بتاريخ 23 أغسطس 2022